عائلات للبيع.. كيف يستغل المؤثرون أمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم لتحقيق أرباح على مواقع التواصل الاجتماعي
المشهدTV – توفيق المويني
شهدت السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في عدد ( أشباه) المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يسعون لجذب المتابعين وتحقيق أرباح مادية من خلال المحتوى الذي يقدمونه. ومن بين الظواهر الجديدة التي أثارت جدلاً واسعاً هي استغلال المؤثرين لأسرهم، خاصة الزوجات والأمهات والأبناء، كأدوات لتحقيق النجاح والشهرة وجني الأموال على منصات مثل الفيسبوك.
انتشار الظاهرة
يلاحظ أن بعض (أشباه) المؤثرين يلجؤون إلى تصوير حياتهم الشخصية ومشاركة تفاصيلها بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يصبح كل فرد من أفراد الأسرة جزءاً لا يتجزأ من المحتوى المقدم. في كثير من الأحيان، يتم تقديم هذا المحتوى بشكل يبدو طبيعياً وعفوياً، ولكنه في الواقع يكون مخططاً له بعناية لجذب المزيد من المشاهدات والتفاعلات، وبالتالي زيادة الأرباح من المشاهدات والإعلانات والشراكات التجارية.
المحتويات التافهة والتحديات المخجلة عبر التيك توك
لا يقتصر الأمر على مشاركة التفاصيل الشخصية فقط، بل إن بعض المؤثرين يتجهون إلى إنتاج محتويات تافهة وتحديات مخجلة عبر منصة التيك توك تفتقر إلى القيم والأدب، وذلك لجذب الانتباه وزيادة التفاعل بأي وسيلة ممكنة. تشمل هذه التحديات أفعالاً محرجة أو غير لائقة يقوم بها أفراد الأسرة، مما يعرضهم للسخرية والنقد.
استغلال الأمهات، الزوجات، والآباء المرضى
تتعدد أشكال الاستغلال لتشمل استغلال الأمهات حيث يلجأ بعض المؤثرين إلى تصوير أمهاتهم في مواقف محرجة أو استخدامهن كوسيلة لجذب التعاطف، بهدف زيادة المشاهدات. فيما يفضل آخرون استغلال مفاتن زوجاتهم إذ يقومون باستغلالها بطريقة مبتذلة لجذب الأنظار، وكأنهن سلعة رخيصة مما يعرضهن لنظرات غير لائقة وانتقادات سلبية، مما يعكس نقصًا في الغيرة وقيم الرجولة. هذه الممارسات ليست فقط مهينة للزوجات، بل تساهم أيضًا في تعزيز ثقافة الاستغلال والانحطاط الأخلاقي.
بينما يستغل بعض المؤثرين مرض آبائهم عن طريق نرفزتهم بشكل متعمد لإخراج كلمات نابية أو تصرفات غير لائقة، مما يثير الاشمئزاز والاستياء.
كما يلجأ البعض إلى استغلال مرض أبنائهم، حيث يقومون بتصويرهم في حالات ضعف ومرض بهدف كسب التعاطف وجني الأموال من التبرعات أو المشاهدات.
آثار الاستغلال على الأسر
يعتبر العديد من المتابعين أن مشاركة تفاصيل الحياة الخاصة بشكل مستمر تنتهك خصوصية الأسرة، مما يؤدي إلى تعرضهم لضغوط نفسية واجتماعية حيث قد يشعر البعض بأنهم مُستغلون أو أنهم مضطرون للمشاركة في المحتوى رغماً عنهم.
ويمكن أن يؤثر الضغط المستمر لإنتاج مثل هذه المحتويات المشينة على نوعية العلاقات داخل الأسرة، حيث تتحول اللحظات العائلية إلى فرص عمل بدلاً من أن تكون لحظات حميمية.
وجهات النظر المتباينة
-داعمون لهذه الظاهرة
يرى المؤيدون لهذه المحتويات أنها جزء من حرية التعبير وأنها توفر ترفيهًا خفيفًا للمشاهدين، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها البعض. يقول محمد، بائع متجول: “نحتاج إلى لحظات من الضحك والمرح في حياتنا اليومية، ولا ضرر في متابعة بعض المقاطع والتحديات المضحكة على الإنترنت ولا يهمني أبعادها لأن من يقومون بها أشخاص ناضجون ويعون جيدا ما يفعلون”.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض المؤيدين أن هذه الظاهرة قد تكون وسيلة للنجاح السريع والحصول على شهرة واسعة، مما قد يفتح الباب أمام فرص جديدة في مجالات متنوعة، مثل التمثيل والإعلان.
-معارضون لهذه الظاهرة
في المقابل، يعبر المعارضون عن قلقهم من تأثير هذه المحتويات على القيم الثقافية والاجتماعية. تقول فاطمة، معلمة في مدرسة ابتدائية: “ألاحظ أن بعض الأطفال أصبحوا يقلدون هذه السلوكيات السطحية، مما يؤثر سلبًا على سلوكهم وتحصيلهم الدراسي”.
كما يعبر البعض عن استيائهم من تراجع المحتويات الهادفة والمفيدة، حيث يتم تهميش المثقفين والمبدعين الذين يقدمون مواد ذات قيمة حقيقية. يقول عزيز، أستاذ جامعي متقاعد: “في ظل هذا الانتشار الكبير للمحتويات التافهة، أصبح من الصعب على الكتاب والمبدعين الحقيقيين الحصول على الاعتراف والتقدير الذي يستحقونه
تزايدت موجة الاستياء والغضب بين الجمهور والمتابعين بسبب هذا الاستغلال المادي للأسر. يشعر الكثيرون بأن المؤثرين يضعون المال والشهرة فوق مصالح أسرهم وراحتهم النفسية. وقد عبر العديد من المتابعين عن رفضهم لمثل هذه الممارسات من خلال التعليقات السلبية والمقاطعة، كما دعت بعض الجهات المهتمة إلى وضع ضوابط وقوانين تحد من هذا الاستغلال.
الحلول المقترحة
ينبغي على الحكومة والجهات المعنية وضع قوانين تنظم المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق باستغلال الأطفال وأفراد الأسرة. و على المؤثرين أيضا تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه أسرهم وجمهورهم، والحرص على تقديم محتوى يحترم الخصوصية ويعكس قيم الأسرة بشكل إيجابي.
إن استغلال المؤثرين لأسرهم على مواقع التواصل الاجتماع لتحقيق أرباح مادية يعتبر ظاهرة مثيرة للقلق، تتطلب تدخل المجتمع والجهات المعنية للحد منها. فالحفاظ على خصوصية الأسرة وسلامتها النفسية يجب أن يكون أولوية، ويجب على المؤثرين أن يدركوا أن النجاح الحقيقي لا يأتي على حساب راحة وسعادة أحبائهم. فتقديم محتوى يحترم القيم والأخلاق يعزز من تأثيرهم الإيجابي ويكسبهم احترام وتقدير جمهورهم.