المشهد تيفي قناة إلكترونية مغربية متجددة على مدار الساعة

الدراما في الإعلام العمومي المغربي: بين هيمنة الأسماء المعتادة وتهميش المواهب الصاعدة

المشهدTVالحسين العوص

 

في السنوات الأخيرة، بات المشهد الدرامي في الإعلام العمومي المغربي محل انتقادات واسعة، حيث يعاني من هيمنة بعض الوجوه المعتادة، مما يطرح تساؤلات حول مبدأ تكافؤ الفرص وفتح المجال أمام الطاقات الجديدة. فالمتابع للأعمال الدرامية التي تُعرض في القنوات العمومية يلاحظ تكرار نفس الأسماء في معظم الإنتاجات، وهو ما يعكس انغلاقًا غير مبرر أمام خريجي المعاهد المتخصصة، لا سيما المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الذين يجدون أنفسهم أمام عراقيل تحول دون اندماجهم في الصناعة التلفزيونية.

غياب التنوع واحتكار الفرص

يعزو كثيرون هذه الظاهرة إلى منطق “باك صاحبي”، حيث تُوزع الأدوار وفق معايير غير فنية، مما يُنتج أعمالًا تفتقر إلى التجديد والإبداع. ويؤدي هذا الوضع إلى تراجع جودة المحتوى المقدم، إذ أن الاعتماد على نفس الممثلين ونفس الأسماء في الكتابة والإخراج يجعل المشاهد في مواجهة أعمال مكررة في طرحها ومحدودة في رؤيتها.

مواضيع متكررة لا تعكس قضايا المجتمع

رغم التنوع الذي يعرفه المجتمع المغربي، إلا أن الأعمال الدرامية غالبًا ما تدور في فلك محدود من المواضيع، كالحب، الخيانة العنف، والحياة الليلية، متجاهلة قضايا جوهرية تتعلق بالمجتمع المغربي، مثل البطالة، التعليم الصحة، والعدالة الاجتماعية ويرى البعض أن هذا الاختيار يكرس صورة نمطية لا تعكس الواقع المغربي بجميع تناقضاته وتعقيداته.

الإطار القانوني وإشكالية الالتزام بالقيم المجتمعية

ينص الفصل 19 من دفتر التحملات الخاص بالقنوات العمومية على ضرورة احترام ثوابت المجتمع والنظام العام وهو ما يثير تساؤلات حول مدى احترام هذه الضوابط في بعض الإنتاجات التي ينظر إليها على أنها تتجاوز الخطوط الحمراء دون تقديم بديل درامي يعكس التعدد الثقافي والقيمي للمغاربة.

مستقبل الدراما المغربية: هل من أفق للإصلاح؟

في ظل هذه الإشكاليات، تبرز الحاجة إلى إصلاح عميق لقطاع الإنتاج الدرامي، يقوم على إرساء معايير شفافة في اختيار الأعمال والممثلين، وضمان تكافؤ الفرص أمام المواهب الجديدة، كما أن دعم الإنتاجات التي تعالج قضايا المجتمع المغربي بواقعية وعمق، قد يكون خطوة مهمة نحو تطوير دراما مغربية تحترم ذكاء المشاهد وتعكس همومه وتطلعاته.

إن تجديد الدراما المغربية ليس ترفًا، بل ضرورة تُحتّمها دينامية المجتمع وتحولاته، وهو ما يستوجب إرادة حقيقية لإحداث تغيير يعيد الثقة للمشاهد في الإنتاج الوطني، بعيدًا عن منطق الاحتكار والريع الذي يُعرقل أي محاولة للنهوض بهذا القطاع الحيوي.

 


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...