المخطط الأخضر في المغرب: بين الطموحات والواقع في ظل ارتفاع الأسعار ونقص رؤوس الأغنام

المشهدTV – الحسين العوص
أطلق المغرب في عام 2008 مخطط “المغرب الأخضر” بهدف تحقيق تنمية شاملة في القطاع الفلاحي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين ظروف الفلاحين. ورغم مرور أكثر من عقد على تنفيذه، تبرز تحديات جديدة تتعلق بارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص رؤوس الأغنام، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذا المخطط.
ارتفاع الأسعار وتحديات الأمن الغذائي
شهد المغرب مؤخرًا ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، حيث بلغ معدل التضخم في فبراير 2023 حوالي 10.1%، مع زيادة أسعار المواد الغذائية بأكثر من 20٪ يُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها ضعف الإنتاج المحلي وارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في القطاع الفلاحي.
بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في المغرب عام 2022 إلى 1.2%، مقارنة بـ7.9% في 2021، مع تراجع الإنتاج الزراعي بنسبة 15% بسبب الجفاف الشديد هذا الوضع يضع الأمن الغذائي للمملكة أمام تحديات حقيقية، خاصة مع الاعتماد الكبير على استيراد بعض المواد الأساسية.
نقص رؤوس الأغنام وتأثيره على السوق المحلي
أدى الجفاف وارتفاع تكاليف الأعلاف إلى تراجع أعداد رؤوس الأغنام في المغرب، مما أثر على توفر اللحوم الحمراء في الأسواق المحلية. وأشار المهندس الزراعي جمال مسعودي إلى أن قطاع تربية المواشي، الذي يساهم بنسبة 30% في الناتج الداخلي الخام الفلاحي، يواجه حاليًا مجموعة من المشاكل، منها الجفاف وندرة المياه وارتفاع أسعار الأعلاف هذا النقص ينعكس سلبًا على أسعار اللحوم، حيث شهدت ارتفاعات ملحوظة في الفترة الأخيرة.
تقييم المخطط الأخضر: النجاحات والإخفاقات
رغم الأهداف الطموحة لمخطط “المغرب الأخضر”، إلا أن هناك انتقادات تتعلق بعدم تحقيق بعض هذه الأهداف، خاصة فيما يتعلق بدعم الفلاحين الصغار. أشارت تقارير إلى أن المخطط لم يولِ الاهتمام الكافي للفلاح الصغير مقارنة بالفلاح الكبير المستثمر، مما ساهم في خفض كمية المنتجات الفلاحية الموجهة للسوق الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك، أدى التركيز على الزراعات التصديرية إلى استنزاف الموارد المائية في بعض المناطق، مما أثر على استدامة القطاع الفلاحي. فعلى سبيل المثال، تم توجيه نسبة مهمة من الإنتاج للتصدير، مما قلل من توفر بعض المنتجات في السوق المحلي ورفع أسعارها .
الحاجة إلى استراتيجيات جديدة
في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات الفلاحية في المغرب. يُوصَى بإعادة رسم خريطة الإنتاج الفلاحي بما يحقق حماية واستدامة الموارد الطبيعية وتلبية الاحتياجات الوطنية بأسعار معقولة كما يجب تعزيز دعم الفلاحين الصغار وتوفير البنية التحتية اللازمة لضمان استدامة القطاع الفلاحي وتحقيق الأمن الغذائي للمملكة.
في الختام، يُعتبر مخطط “المغرب الأخضر” خطوة مهمة نحو تطوير القطاع الفلاحي، إلا أن التحديات الحالية تستدعي تبني سياسات أكثر شمولية واستدامة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتفادي الأزمات المستقبلية